يكثر النقاش دائما في العوائل المؤلفة من زوجين من قوميتين ولغتين مختلفتين حول ضرورات تعليم كلا اللغتين للطفل، وما اذا كان ذلك سيعرقل تطوره ام يعززه. واذ يرى بعض المختصين ضرورة ان تبدأ العوائل بتعليم طفلها اللغة الثانية بعد ان يكون قد سيطر على اللغة الاولى، يرى آخرون ان تعلم اللغتين منذ البدء قد يضر بتطور لغة الطفل.
وتنبري الآن دراسة حديثة من جامعة هانوفر في ولاية نيو هامبشاير الاميركية لتقول ان تعلم الطفل للغتي أمه وأبيه معا منذ البداية، سيعزز تطور الطفل عقليا ولغويا ولا يعرقله. وقالت الباحثة لورا ـ آن بيتيتو من جامعة هانوفر «صحيح ان تعلم اللغة الثانية لاحقا في عمر متقدم من الطفولة مفضل، لكننا توصلنا الى ان تعلم اللغتين منذ الصغر هو افضل الخيارات».
وتوصلت البروفسورة بيتيتو وفريق عملها الى هذه النتائج بعد متابعة طويلة ودقيقة لنتائج تعلم اللغتين عند اطفال من عوائل مختلطة القوميات وذلك منذ الطفولة المبكرة. واجرت الباحثة تجاربها على اطفال تعلموا اللغتين منذ البداية او في اعمار لاحقة مثل عامين او اربعة او ثمانية، وثبت للباحثين ان تنمية الطفل على اللغتين منذ الولادة تطور الطفل، لأنها تؤدي «الى نشوء فردين مستقلين لغويا داخل الطفل» حسب تعبير بيتيتو.
ولم تلحظ بيتيتو خلال فترة المراقبة حصول ما يسمى «التأثير السلبي المتداخل» للغتين الذي تخشى منه الكثير من العوائل. كما لم يرصد فريق العمل تعرض الطفل الى تلكؤ ما في تعلمه للغتين او في حياته الدراسية اللاحقة. وتبين ايضا بعد سنوات من المراقبة انه كلما تأخر الطفل في تعلم اللغة الثانية، زادت صعوبات السيطرة عليها تماما كما هو الحال مع سيطرته على اللغة الاولى.
وتنصح بيتيتو الوالدين بالحديث مع الطفل باللغتين بشكل طبيعي دون الخشية من عرقلة تطوره اللغوي، لأن تعليم الطفل منذ البداية على التعامل معهما باللغتين «سيخلق انسانا مستقبليا بلغتي أم».
وتتفق نتائج ابحاث جامعة هانوفر الخاصة باللغتين تماما مع نتائج ابحاث جامعة واشنطن حول دور الاتصال بالعيون في التفاهم بين الطفل والوالدين والمحيط العام، وتكشف الدراسة التي اجرتها ريشيل بروك وزميلها اندرو ميلتزورف ان الطفل يجري ابحاثه حول المحيط الذي حوله منذ عامه الاول عن طريق الاتصال بالعينين مع الأم والأب والآخرين.
وجرب الباحثان الطريقة مع اطفال دون السنة، لعبوا معهم في البداية بالالعاب (وهو ايضا نوع من الاتصالات)، ثم عمدوا بعد ذلك الى تسديد النظر فقط الى بعض الالعاب دون ابداء اي حركة اخرى.
ونجح الاتصال بالعيون مع الطفل في معظم الحالات فتوجه الطفل الى اللعبة المعنية وربت عليها بيده دليل فهمه للغة العيون. وتقول بروك ان التجربة كشفت لنا مدى اهمية الصلة بالعيون لتطور لغة الطفل كما كشفت اهميتها في تطوير الموقف العاطفي للطفل تجاه ما يجري حوله وللآخرين. وهذا ليس كل شيء لأن الصلة بالعيون كشفت مدى دقة ونباهة الاطفال في تحديد المعنى المطلوب من النظرات ومن ثم تنفيذه حسب رأي ميلتزوروف. وللتأكد من ان الصلة بالعيون هي المسؤولة عن توجه الطفل الى الحاجة المطلوبة عمد الباحثان الى سد العينين والالتفات باتجاه احدى الحاجيات والتركيز عليها. وتقول بروك ان الاطفال لم يهتموا حينها بالتوجه الى تلك الحاجة، الامر الذي يكشف مدى اهتمامهم بلغة العيون فقط.