لقد كسر شعب أرض الكنانة مصر هاجس قدسية الرئاسة الابوية وانتفض عن مخاوفه بوعي وشجاعة ثوار وشباب 25 يناير وبهذا الانتصار العظيم سطروا تاريخاً جديداً مجيداً عظيما لشعب أم الدنيا بل انتزعوا ايضاً واعادوا احترامهم وعزتهم لدي الشعوب وخاصة العربية والافريقية منها واثبتوا للعالم كما فعل الشعب التونسي العظيم مدي نجاعة ونجاح التغيير وفق ارادة الشعب وأنها فوق الجميع ولا تقهر بوعيها وتصميمها, حيث كان من المستحيل ان يراهن كائناً من كان أبان اندلاع تظاهرات الثورة بانها ستنجح وتجبر مبارك علي التنحي في ظل نظامه البوليسي العسكري الديكتاتوري الاستبدادي القهري,فقدمتم هذة التجربة هديةً ونموذج عملي وفعًال جاهز لكل الشعوب المقهوره والمضطهده ليحيوا ان أرادو حياة الاحرار والتغيير الديمقراطي فقد افرحتمونا واسخنتم دمائنا الباردة واذقتمونا معكم تلكم النشوة التي تفوق كل لذة فياله من بركان أحاسيس لكم كل الود والاجلال والاحترام وكلنا مصر لاكمال ما تبقي من مراحل الثورة لانشاء دولة مدنية تحت مظلة التحول الاجتماعي الديموقراطي بعد انقضاء الجزء الاساسي وهو هاجس رحيل أبوالهول.
قال (ثورو) كلمته الرائعه : "الطيور لا تغرد أبداً فى الاقفاص" ان الانسان الحر يظل ابداً حراً , فمادام المراء يملك أرادة فهو قادر علي درجة ونحو ما فى التحكم علي حياته وصياغة قدره.
فهل جنوب النيل العظيم (السودان) شعباً يستحقون الاحترام ؟
ما أثار حفيظتي تعليق لصديقي العزيز محمد يوسف وهو رجل تخرج فى جامعة الجزيرة واجتماعي جماهيري ويعتبر مثقف بمقاييسنا المحلية ومساهم معي في اصدار صحيفة (شموع في الدجي) والتي كنا نصدرها بمتنزه حي أولا الريف أيام الثانوي فكان نص تعليقه علي الفيسبوك (ياشباب دعونا من التفكير والكلام فى السياسة ولنتجه لتحقيق مستقبل انفسنا ونهتم بلقمة عيشنا وليس علي الجميع ان يكون رئيساً او وزيراً) فعلا أحسست بخيبة بالغة حياله ,
فمن البديهي ان السياسة في مفهومها كعلم وممارسة كانت ومازالت وستظل لا تنفك عن حياتنا اليومية في كافة أشكالها ومستوياتها, فكل المجتمعات الانسانية تقريباً الان صارت تعيش علي شاكلة دول لها مؤسسات حكم أياً كانت توجهاته فهو مسئول أو له القدح المعلي في تشريع وسن وفرض وصياغة الشان العام علي جميع المستويات فأعتقد وفقاً لهذا يجب علي كل انسان أياً كان مجاله وموقعه عليه ان يكون علي درايه ومعرفه لمناهج وتوجهات ساسته وتطبيقهم وممارستهم لها, ويجتهد لذالك حتي يضمن لنفسه أن لا يتم استغلاله بأي صورةً كانت وأضعف الايمان ان يكوّن رأيه حيال مجريات الاحداث محلياً وعالمياً ,فليس بالضرورة كل من يمارس ويعي ويتابع السياسة من همه ان يصير شئ فهي هم عام خاص لاينفصل أيضاً . فمن أين ياتي الوعي والثقافة التراكمية للاحداث التي نعيشها ان انصرفنا الي دعواك سيدي محمد ان لقمة العيش هذه يجب ان تكون من أخر أولوياتنا وليست بهذا المعني الانصرافي فهي لا تساهل كل التركيز والعناء كما فى معني الاية الكريمة بخصوص السيدة مريم العزراء (وهزي اليك بجزع النخلة يساقط عليك رطباً جنيا) ,قال تعالي :"في السماء رزقكم وماتوعدون" فلا يغير الله ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم فليس هنالك تغيير من غير عمل وأجتهاد وان الدعوات والاماني وحدها لا تكفي ان لم يكن لدينا وعي وارادة ومبادرة واحساس بالمسئولية تجاه ما نتوق اليه,
فالحيوان هو الذي يهتم وينصرف للتركيز علي معاشه من مأكل ومشرب فقط , فكبشر أفتكر علينا التوجة والاهتمام بجودة وتحسين انسانيتنا في اسلوب الحياة بشكل عام فكل انسان عبارة عن رسالة فأين وفيما ادي كل منا رسالته!؟ أعتقد ان اجتهد كل واحد وساهم ولوبفكرة كل على حسب مؤهله وموقعه سنصل ونعمّر ونغيّر فى واقعنا المأزوم هذا فللاسف لا يسر صديق ولا يغيظ عدو نحيا أمواتاً بجهل وفقر ومرض وجوع في وطن به كل الخيرات والمؤهلات ولكننا نفتقد احساس هوية الانتماء والوعي العام ومحدودية الابداع علي كافة الاصعدة نتيجة منهج وغباء ساستنا سوّس الله رؤوسهم علي ما سامونا من سواء العذاب ,وسنظل نبحث عن ذاتنا فى ذوات من جاءوا بهذا الخبث فى هودج الدين الحنيف.
وبالعودة للمقارنة بواقع مصر الراهن في ظل ثورة الشباب هذه والسودان فأرض الفراعنة من اشكالاتها هي المجتمع الطبقي أي هنالك ساسة السلطة والاقتصاد والمبدعين وعلى النقيض عامة الشعب الفقير الجاهل الفلاح الغلبان ومزيج قاطني المناطق المقفولة كأرض اللوء ولعبة وبولاق وكثيراً من الحارات الشعبية, وهم السواد الاعظم تقريباً 95% وسلطة الحاكم المطلق المقدس ومحكومية ورغم كل هذا فقد أثّر بل استفحل الوعي النسبي فى فترة وجيزة بارادة وتصميم هؤلاء ألابطال الاحرار.
أما السودان ففوضي من القبلية والاثنية والجهوية والعنصرية العمياء الممنهجة والتي أفضت بل أجبرت الجميع علي التكتل متخذين شكل قطعان قبلية كما الجاهلية انصر أخاك ظالماً أو مظلوم فللقبيلة الولاء كله قبل الدين دون ادراك, وحاكماًعقيماً راقص ومحكومون مخدرون باللاوعي طبالون. يبقي السؤال فهل هناك ثورةً وانتفاضة شعبية فى ظل هذا الراهن لنستحق الاحترام ...!؟