عدد المساهمات : 48 تاريخ التسجيل : 28/03/2011 العمر : 42
موضوع: من مشاكل المناهج التعليمية في معظم الدول العربية الثلاثاء أبريل 26, 2011 4:50 pm
المنهج الصحيح : إن التركيز على الدقة في كل شيء ، في كل جزئية في إطار منظومة ما مع مراعاة العلاقات الموجودة بين جميع المكونات لتلك المنظومة أو الفكرة أو الموضوع ، نعم ، فالتركيز الدقيق يؤدي إلى اكتساب منهج عقلاني علمي يضع جميع الأمور في نصابها المثالي وبكل سهولة و سلاسة ودون أي عناء، بل ويساعد الذهن و الذاكرة والمخيلة على الابتكار و الإبداع بتلقائية تكاد تسميها "الإلهام"وهذا يحصل في جميع مجالات الإبداع : الفكر، الأدب ، الشعر ، الموسيقى ، الفلسفة و حتى في ابتكار الخطط التكتيكية في الألعاب الذهنية كالشطرنج والاختراعات وفي ألعاب الرياضات الجماعية ... ونلاحظ هذه الملكات عند عدد من التلاميذ والطلبة والأساتذة والمفكرين وبعض الفنانين الذين لا يجدون أية مشكلة في التعامل مع أي موضوع و أي نشاط لكونهم نشئوا عن طريق هذا المنهج...
أما مجال اكتساب روح الدقة والتمييز و الملاحظة الدقيقة والضبط فيكون في المراحل الأولى من التعليم وفي جميع الأنشطة المدرسية من لغة وعلوم ورياضيات أو حساب و هندسة ورياضة وتشكيل وموسيقى... وفي كل ما يتعلق بالتربية الجمالية، وهو ما يعرف الآن بمبدأ الكفايات . وفي غياب العمل بهذا المبدأ لن تتكون عند الطفل هذه الملكات –أي الحس- والملاحظة الدقيقة – أي يحصل العكس... وما العكس إلا ما نشاهده بكل أسف عند كثير من التلاميذ أو الطلبة أو حتى عند بعض "المدرسين" الذين – مع الأسف - يعجزون -- لتصحيح أنفسهم - عن التواصل والتعامل سواء مع النظريات المدروسة في مراكز التكوين والمقررات أو مع من يحاولون تعليمهم أو تقويمهم و تصحيحهم - وتجد كل ما يقدمونه من دروس أو شروح أو عروض تخلو من الدقة والجمالية في الأسلوب وحتى من الفكر فضلا عن ضعف المحتوى مع التسطيح والابتعاد عن المقصود من الموضوع المطروح نفسه . وهذا ما يعاني منه أغلبية الطلبة الجامعيين الآن في قضية غياب المنهجية وغياب القدرة على التعمق... فالمنهجية أساسها التعلم في الصغر أو لنقول في فترة مبكرة من الحياة وإلا طغت على التلميذ - الذي هو مستقبل المجتمع - العشوائية وعدم الضبط وتفكك الأفكار بسبب عدم مراعاة تلك العلاقات والجزئيات منذ البداية مع تلقين المعلومات الأولية بطريقة سطحية و جملة دون تحليل ولا تبرير و لا دعوى إلى التبرير ولا إلى العلاقات ولو بإشارة بسيطة : عتى غرار ما نقوم به في تدريس الرياضيات والحساب من برهنة وقيام الأدلة لتعويد العقل منذ البداية على المرور من تلك المراحل بسرعة فيستطيع بالتالي تركيب الفكرة أو الأفكار داخل منظومة **موضوع** معين ... ليتمكن من بعد أن يبدع في أي نوع من الإنتاج...وتسهل عليه سبل التعلم – تعلم أي شيء في أقرب وقت لأن هذه المؤهلات تشجعه على الاستمرار في الاجتهاد – وعندها يشعر بالمسؤولية إزاء نفسه ولا يستطيع التهاون منذ هذا الوقت المبكر -- و تجدر الإشارة إلى أنه يجب أن نلاحظ شيئا جد هام يحصل من إتباع هذا المنهج : - إنه منهج تعليمي يصل بنا إلى نتيجة تربوية أهم من المعلومات المغلوطة ومن ملء الأذهان بالخزعبلات-: هي الشعور بالمسؤولية والثقة بالنفس . وبهذا المنهج وحده ولا بغيره نستطيع أن نصل بالطفل أو الشاب إلى هذا المستوى من الشعور الذي هو من أهم أهداف التربية بصفة أساسية .لأنه بفضله سيستطيع الطالب التحدي لكل ما كان يبدو له وما يبدو الآن لكثير من أولائك التلاميذ و الطلبة الذين لا يجدون حلا لتدني مستواهم رغم حسن نيتهم وقوة إرادتهم و عزيمتهم ومحاولاتهم إلا أنهم يصابون في الأخير باليأس .** وما أكثر هؤلاء الضحايا في مجتمعاتنا ، قدرات وذكاء وطاقات هائلة ضحية لسوء المناهج و غياب الضمير عند عدد كبير من المسئولين والمدرسين بدعوى أن التعليم به خلل من الأساس أو بـسـبـب عدم توفر القاعات أو أن الميزانية المعتمدة لا تكفي ولا يحاولون تصحيح ما يمكن تصحيحه، ولا إنقاذ ما يمكن إنقاذه من تلقائيتهم أو بوازع أخلاقي مع أن هذا لا يتطلب المادة بل النية الصالحة والحب والأمانة مع إعمال الفكر والكفاءة – والمنهجية التي هي الأساس ــ أو إن فاقد الشيء لا يعطيه – نعم إن هذا المشكل وللأسف يرجع كذلك إلى انعدام الضمير والأخلاق وغياب المعرفة لأن من يملك العلم والأخلاق لا يمكنه أن يبخل ولو بدرة مما يكسبه ولأن العلم والمعرفة والأخلاق تحرك الإنسان وتحفزه وتحمسه للبذل والعطاء ولو كان مريضا أو محتاجا أو....أو.... فالمشكلة التي أثيرها هنا- وهي نسبية - تدل دلالة قاطعة على أن فريقا من هؤلاء الضحايا من التلاميذ و الطلبة ليسوا بأغبياء ولا كان ينقصهم شيء إلا العناية، فهم ضحايا لغياب الضمير أو لنقص في كفاءة المسئولين وإن هؤلاء ليعون ذلك جيدا. فـأيــن دور مراكز التكوين بل وأين التكوين الذي هو في مراكز التكوين؟ أو هي مراكز "للتكوين"= /السكوت/ بالمعنى الدارج في اللهجة المغربية ....كونوا وسكتوا" أحسن ليكم . **" وهذا هو سر الفرق بين عدد من الدول العربية و بين العالم الغربي والدول التي فاقتنا في ميادين العلوم والتكنولوجيا بفضل التربية والتعليم السليم الذي يوجه الطفل في طور مبكر من حياته ، لأنه اكتسب المنهج و الأدوات ونمى الملكات الطبيعية والمنهجية التي تسهل عليه التعلم ليصل إلى ما وصل إليه من قدرات في الإبداع و الابتكار الذي نلاحظه عندهم ومنذ زمن بعيد. إذن، والحالة هذه ، فإلى متى سيستيقظ المسئولون عن التعليم لتوحيد المناهج وبناءها عمليا على هذه المبادئ والأسس الضرورية ؟ فهي موجودة كنظريات في الكتب** علوم التربية – مراكز التكوين...** لكنها غير موجودة أي لا تطبق في العمل داخل القسم مع التلاميذ. فأين إذن دور المراقبة التربوية – إذا سلمنا بصلاحية المقررات وبفعالية هذه المراقبة و بكفاءة وأخلاقية المراقبين الذين يتحملون القسط الأكبر من وزر هذا الفشل الذريع ؟ بل وأين المقررات التي بنيت على هذه النظرية التي تراعى فيها هذه الأسس البسيكو بـيداغوجية الضرورية ؟ و أين المقررات التي تنسجم مع بيئية و وسط التلاميذ ؟؟؟ وإلا فالمصيبة ستبقى مستمرة إلى الأبد…فلماذا لا يستعان عند مشاريع الإصلاح ـ وما أكثرها ــ بالخبرة النظرية والعملية لأولائك المدرسين الذين اكتسبوا تجربة و تفننوا في الطرق التربوية و يشهد عليهم عطاءهم في الميدان فيكونوا النموذج والقدوة لتطبيق تلك النظريات و ألمبادئي التي تحفظ عن ظهر قلب من طرف المتخرجين من مراكز التكوين و الذين جلهم لا يستطيع لا استعابها ولا تطبيقها ولا الوصول إلى أحد من أهدافها؟؟ ...... أم تمسك غريق بغريق….!!!!! فإلى متى ستظل الأمور هكذا رهينة الأنانية و المحسوبية والمصلحة الخاصة … على حساب مصير أجيال بل أمة تعاني من فقدان القدرة على إثبات ذاتها ، والحالة هذه أن الخلف في ميدان التربية لا يمكنه أن يكون إلا صورة للسلف أو أقل منه كفاءة وهكذا دواليك سنبقى نعيش في حلقة مفرغة وفي دوامة لا يمكن الخروج منها إلا بإعادة النظر في هذه المناهج و تكوين الأطر بعيدا عن الشكليات الزائفة والمغالطات التي تدس السم في العسل والتي نستوردها كنظريات لا تمت بصلة لا إلى واقعنا و ثقافتنا و هويتنا ولا إلى الحقيقة العلمية ولا حتى إلى واقع الغرب الذي يصدرها إلينا ** ولنضرب مثلا بمستوى العطاء عند تلميذ من المدارس الحرة التي تعمل في بعض البلدان وفق برامج ومناهج فرنسية مقارنة مع مستوى أبناءنا الذين يدرسون ما شاء الله في مدارسنا . فالفرق جد مخيف ينذر بكارثة لا محالة. إنه لا يمكن الخروج من هذا النفق المظلم ومن هذه الحلقة المفرغة إلا بإعادة النظر في هذه القضايا وذلك بإشراك من لهم الخبرة الميدانية، الذين يمكنهم إيجاد الحلل وبكل سهولة ، وليس بالاقتصار على أشخاص معينين أو على لجينات شكلية وعلى منطقة معينة ــ المنطقة التي يقطن ويعمل بها أصحاب المشروع ــ كما يحدث دائما في محاولة كل تغيير سواء فيما يتعلق بصياغة المقررات أو تأليف الكتب المدرسية التي غالبا ما تأتي إلا لتكرار نفس المستويات بصيغة أخرى— وبالتالي لا يكون من هذا التغيير إلا الاسم و الشكل والألوان على حساب سذاجة مدرسين صامتين ، وعلى حساب مستقبل أجيال هذه الأمة— لأنه وإن اختيرت لجن من مختلف المناطق احتراما لمبدأ الديمقراطية فإن ذلك لا يكون إلا ذريعة لسد باب الانتقادات فقط ــ وحتى إذا قامت هذه اللجان بعمل نجده مجرد عمل شكلي: في وضع كتب اللغة على سبيل المثال, لا يراعى لا علاقات بين المواضع ولا تنسيق بين المواد أو التمارين اللغوية... إذن يجب الابتعاد عن تكرار نفس المقررات ونفس الروتين و نفس المشاكل التقنية التي تتكرر فضلا عما يتزايد من المشاكل التي يعرفها التعليم على مستوى الخصاص في التجهيزات والبنايات والأدوات التربوية و مشاكل المنح… و ما يزيد في الطين بله هو ظاهرة" الدروس الخصوصية" التي أصبح يعاني منها التلاميذ الضعاف وأولياءهم الفقراء والتي تستوجب حلا مستعجلا . لآن أغلبية من يقومون بهذه الدروس لا يعطون الدروس المقررة في القسم إلا أثناء تلك الساعات فيكون بالتالي الضحايا هم الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة في غياب ردع لمثل هذه الظاهرة التي لا تزيد من وضعية التعليم إلا سوءا... فـهـذه ظـاهـرة خطيرة تتنافى والأعراف التربوية والدينية و تهدد أخلاقيات المهنة ككل وإذا كان هذا يحدث في التعليم الذي هو القدوة والأساس في بناء الأمة وتقدمها، فما ذا عسانا أن نقول في ميادين أخرى غير متخصصة في التربية والأخلاق؟