النظرة للذات وعلاقتها بالصحة النفسية
نظرة وتقييم الإنسان الذاتي لنفسه تعتبر في نظر أطباء الصحة النفسية هي أهم العوامل التي تحدد الصحة النفسية للإنسان، حيث أن ردة فعل الإنسان للمشاكل التي تواجهه في الحياة تعتمد على نظرة الشخص لذاته.
ويعرف الطبيب النفساني ناثانيل براندون النظرة للذات على أنها: محصلة ثقة واحترام الإنسان لنفسه والتي تؤدي إلى الشعور بالقدرة والكفاءة على العيش مهما كانت الحياة قاسية، وأيضا الشعور بأنه يستحق العيش لأن له دورا في الحياة وليس مجرد متفرج.
وحسب رأي هذا الطبيب النفساني، فإن نظرة الإنسان لنفسه هي مفتاح سلوكه في الحياة سواء في السراء أو الضراء، حيث أن غياب الاحترام والتقدير والثقة بالنفس يجعل الإنسان أقل اهتماما بصحته ومظهره وينطبق عليه القول المأثور: " إذا لم يكن هناك سبب يدفعك للبقاء حيا، فإنك لا تحتاج إلى سبب للسعي خلف الموت".
والخلاصة هي أن معظم السلوك الذي يؤدي لتدهور الصحة البدنية والنفسية للإنسان يعود إلى غياب الثقة والاحترام للذات.
وحسب رأي خبراء الاجتماع والسلوك الإنساني، فإن الحاجة للتقدير والاحترام من قبل الآخرين والمجتمع، تعتبر حاجة إنسانية أساسية يجب إشباعها من أجل صحة نفسية أفضل. وحسب رأي هؤلاء الخبراء، فإن نظرة الإنسان لذاته لا تأتي مع الإنسان عند ولادته ولا دخل للوراثة أو الجينات فيها، كما وأنها لا يمكن أن تأتي لأسباب لا يستطيع الإنسان التحكم بها مثل المال، أو الجمال أو الوصول لمنصب أو مركز معين، ولكنها، أي النظرة للذات، تأتي بالتدريج خلال مراحل نمو الإنسان وطبقا للخبرات التي يمر بها في هذه المراحل، وطبقا لهذه الخبرات فإن الإنسان إما أن يتولد لديه شعور إيجابي نحو النفس والذات أو شعور سلبي نحو الذات والنفس.
وحسب رأي خبراء الصحة النفسية، فإن النظرة الإيجابية نحو الذات تجعل الإنسان أكثر قدرة وكفاءة في مواجهة مصاعب الحياة النفسية حيث أن شخصية الإنسان في الحياة بداية النظرة الإيجابية للذات هي التغذية الراجعة التي يقوم الطفل على ضوئها بتقييم ذاته ونفسه، وبالتالي فإن تشجيع العائلة والأصدقاء وثناءهم على الجوانب الإيجابية في الطفل هي بداية مشوار الطفل مع الصحة النفسية .
وفي نفس الوقت، العنف والإيذاء الجسدي والنفسي للطفل أو حتى التهكم والسخرية من الطفل ووصفه بعدم الكفاءة والنفع، وبأنه لا يصلح لأي شيء، هو بداية تأصل جذور الاستعداد للمرض أو بالأحرى الأمراض النفسية بما فيها العداء للمجتمع وبالتالي الإجرام وسلوك طريق العنف والدخول في دوامة استخدام الكحول والمخدرات.
أخيرا : العائلة المتماسكة التي يكون فيها الحب والاهتمام والعطف والحنان هو جو العائلة بشكل عام، تؤدي لنمو الطفل بطريقة إيجابية فيما يخص نظرة الطفل لنفسه وللحياة والآخرين على عكس العائلة المتفسخة والتي يسودها المشاكل والخلافات العائلية خصوصا بين الزوجين، وكذلك يستخدم فيها العنف الجسدي أو اللفظي (استخدام السباب والشتائم والإهانات في تربية الأطفال).
وحسب رأي خبراء الصحة النفسية، فإن طفل العائلة المتفسخة هو "مشروع مريض نفسي"، ممكن أن يتطور إلى مريض نفسي مستعد للانتحار والذي يعتبر أقسى وأشد درجات المرض النفسي
من سلسلة مقالات : الطفولة وتقنيات التربية الصحيحة