الإسكندر الأكبر (Μέγας Αλέξανδρος ميغاس أليكساندروس باليونانية) الإسكندر الأكبر أو الإسكندر المقدوني (21 يوليو 356 ق.م. - 13 يونيو 323 ق.م.) حاكم الإمبراطورية المقدونية، قاهر الإمبراطورية الفارسية وواحد من أذكى وأعظم القادة الحربيين على مر العصور.
الإسكندر المقدوني ليس هو ذو القرنين
يخلط بعض الناس بين الإسكندر المقدوني المعروف في التاريخ الغربي وبين ذي القرنين الذي قص الله تعالى خبره في القرآن الكريم. فالإسكندر المقدوني حكم اليونان قبل المسيح عليه السلام بثلاثة قرون تقريبا، وكان على الديانة الوثنية، ووزيره أرسطو الفيلسوف المشهور، وكان أرسطو كما هو معروف من ملاحدة الفلاسفة، على عكس المشهور عن أستاذيه سقراط وأفلاطون فإنهما كانا يؤمنان بوجود الله، وأما أرسطو فينفي وجود خالق لهذا الكون. أما ذو القرنين فكان قبل المقدوني بقرون، وكان مؤمنا ويغلب على الظن أنه حكم في آسياوأفريقيا، ويرى كثير من المؤرخين العرب أن ذا القرنين كان ملكا عربياً (انظر تاريخ ابن جرير الطبري وتاريخ ابن كثير).
نشأته
وُلد الإسكندر في بيلا، العاصمة القديمة لمقدونيا القديمة. ابن فيليبوس الثاني المقدوني ملك مقدونيا القديمة وابن الأميرة أوليمبياس أميرة إيبيروس (Epirus). كان أرسطو معلمه الخاص. درّبه تدريبا شاملا في فن الخطابة والأدب وحفزه على الاهتمام بالعلوم والطب والفلسفة. في صيف عام 336 ق.م.اغتيل فيليبوس الثاني فاعتلى العرش ابنه الإسكندر، فوجد نفسه محاطًا بالأعداء ومهدد بالتمرد والعصيان من الخارج. فتخلص مباشرة من المتآمرين عليه وأعدائه في الداخل فحكم عليهم بالإعدام. كما فعل مع أمينتاس الرابع المقدوني
ثم انتقل إلى ثيساليا (Thessaly) حيث حصل حلفاءه هناك على استقلالهم وسيطرتهم واستعادة الحكم في مقدونيا. وقبل نهاية صيف 336 ق.م. أعادَ تأسيس موقعه في اليونان وتم اختياره من قبل الكونغرس في كورينث قائدًا.
حدود الإمبراطورية المقدونية خلال حكم الإسكندر الأكبر
حملته على الفرس
حماية مقدونيا واليونان
وكحاكم على جيش اليونان وقائدا للحملة ضد الفرس، وكما كان مخططا من قبل أبيه. فقد قام الإسكندر بحملة كانت ناجحة إلى نهر دانوب وفي عودته سحق في أسبوع واحد الذين كانوا يهددون أمته من الليرانس (Illyrians) مرورا بمدينة ثيبيس /طيبة /ثيفا (Thebes) اللتان تمردتا عليه حيث قام بتحطيم كل شيء فيها ما عدا المعابد وبيت الشعر اليوناني بيندار (Pindar)، وقام بتحويل السكان الناجون والذين كانوا حوالي 8،000 إلى العبودية. وإن سرعة الإسكندر في القضاء على بمدينة ثيبيس /طيبة /ثيفا كانت بمثابة عبرة إلى الولايات اليونانية الأخرى التي سارعت إلى إعلان رضوخها على الفور.
المواجهة الأولى مع الفرس
بدأ الإسكندر حربه ضد الفرس في ربيع عام 334 قبل الميلاد حيث عبر هيليسبونت (بالإنجليزية: Hellespont) (دانيدانيليس الجديدة) بجيش مكون من 35،000 مقدوني وضباط من القوات اليونانية بمن فيهم أنتيغونوس الأول (بالإنجليزية: Antigonus I) وبطليموس الأول وكذلك سلوقس الأول (بالإنجليزية: Seleucus I)، وعند نهر جرانيياس بالقرب من المدينة القديمة لطروادة، قابل جيشا من الفرس والمرتزقة اليونان الذين كانوا حوالي 40،000 وقد سحق الإسكندر الفرس وكما أشير في الكتابات القديمة خسر 110 رجلا فقط. وبعد هذه الحرب الضارية أصبح مسيطرا على كل ولايات آسيا الصغرى وأثناء عبوره لفرجيا (Phrygia) يقال أنه قطع بسيفه الـ "جورديان نوت" (بالإنجليزية: Gordian knot).
مواجهة داريوس الثالث
وباستمرار تقدمه جنوبا، واجه الإسكندر جيش الفرس الأول الذي قاده الملك داريوش /داريوس /دارا الثالث (بالإنجليزية: Darius III) في أسوس في شمال شرق سوريا. ولم يكن معروفا كم عدد جيش داريوش والذي أحيانا يقدر بعدد يبلغ حوالي 500،000 رجل ولكن المؤرخون يعتبرون هذا العدد بأنه مبالغ فيه. ومعركة أسوس في عام 333 قبل الميلاد انتهت بنصر كبير للإسكندر وبهزيمة داريوش هزيمة نكراء، حيث ففرَ شمالاً تاركاُ أمه وزوجته وأولاده الذين عاملهم الإسكندر معاملة جيدة وقريبة لمعاملة الملوك. وبعد استيلاء الإسكندر على مناطق سورية الداخلية وحتى نهر الفرات واتجه نحو الساحل السوري غربا ومن سورية اتجه جنوبا وقدمت مدينة صور (بالإنجليزية: Tyre) المحصنة بحريا مقاومة قوية وثابتة أمام الإسكندر إلا أن الإسكندر اقتحمها بعد حصار دام سبعة أشهر في سنة 332 قبل الميلاد ثم احتل غزة ثم أمن التحكم بخط الساحل الشرقي للبحر المتوسط. وفي عام 332 على رأس نهر النيل بنى مدينة سميت الإسكندرية (سميت على اسمه فيما بعد). وسيرين (بالإنجليزية: Cyrene ) العاصمة القديمة لمملكة أفريقيا الشمالية (سيرناسيا) والتي خضعت فيما بعد هي الأخرى وهكذا يكون قد وسع حكمه إلى الإقليم القرطاجي.
تتويجه كفرعون لمصر
في ربيع عام 331 ق.م. قام الإسكندر بالحج إلى المعبد العظيم ووسيط الوحي آلهة الشمس آمون-رع (Amon-Ra) المعروف بزيوس (Zeus) عند اليونان، حيث كان المصريين القدامى يؤمنون بأنهم أبناء إله الشمس آمون-رع وكذلك كان حال الإسكندر الأعظم بأن الحج الذي قام به آتى ثماره فنصبه الكهنة فرعونا على مصر وأحبه المصريون وأعلنوا له الطاعة والولاء واعتبروه واحدا منهم ونصبه الكهنة ابنًا لآمون وأصبح ابنًا لكبير الآلهة حيث لبس تاج آمون وشكله كرأس كبش ذو قرنين، فلقب بذلك "الإسكندر ذو القرنين".. بعدها قام بالعودة إلى الشرق مرة أخرى.[1]
نهاية داريوش
أعاد الإسكندر ترتيب قواته في صور (Tyre) بجيش مكون من 40،000 جندي مشاة و7،000 فارس عابرا نهري دجلة (بالإنجليزية: Tigris) والفرات (بالإنجليزية: Euphrates) وقابل داريوش الثالث (بالإنجليزية: Darius) على رأس جيش بحوالي مليون رجل بحسب الكتابات القديمة. وقد استطاع التغلب على هذا الجيش وهزيمته هزيمة ساحقة في معركة جاوجاميلا (بالإنجليزية: Battle of Gaugamela) في 1 أكتوبر عام 331 ق.م. فرَ داريوش مرة أخرى كما فعل في (معركة أسوس) ويقال بأنه ذبح في ما بعد على يد أحد خدمه.
بابل
حوصرت مدينة بابل (بالإنجليزية: Babylon) بعد معركة جاوجاميلا وكذلك مدينة سوسة (Susa) حتى فتحت فيما بعد، وبعد ذلك وفي منتصف فصل الشتاء اتجه الإسكندر إلى بيرسبوليس /إصطخر (بالإنجليزية: Persepolis) عاصمة الفرس. حيث قام بحرقها بأكملها انتقاما لما فعله الفرس في أثينا في عهد سابق. وبهذا الاجتياح الأخير الذي قام به الإسكندر أصبحت سيطرته تمتد إلى خلف الشواطئ الجنوبية لبحر الخزر (بالإنجليزية: Caspian sea) متضمنًا أفغانستان وبلوشستان الحديثة وشمالاً من باكتريا (Bactria) وسوقديانا (Sogdiana) وهي الآن غرب تركستان وكذلك تعرف بآسيا الوسطى. أخذت من الإسكندر ثلاث سنوات فقط من ربيع 333 إلى ربيع 330 ليفتح كل هذه المساحات الشاسعة. وبصدد إكمال غزوه على بقايا إمبراطورية الفرس التي كانت تحوي جزءًا من غرب الهند، عبر نهر إندوس (Indus River) في عام 326 قبل الميلاد وفاتحا بذلك البنجاب (بالإنجليزية: Punjab) التي تقرب من نهر هايفاسيس (Hyphasis) والتي تسمى الآن بياس (Beās) وعند هذه النقطة ثار المقدونيين ضد الإسكندر ورفضوا الاستمرار معه فقام ببناء جيش آخر ثم أبحر إلى الخليج العربي ثم عاد برًا عبر صحراء ميديا (Media) بنقص كبير في المؤونة فخسر عددًا من قواته هناك. أمضى الإسكندر حوالي سنة وهو يعيد حساباته ويرسم مخططاته ويحصي المناطق التي سيطر عليها في منطقة الخليج العربي للاستعداد لاجتياح شبه الجزيرة العربية.
نهايته في بابل
حدود الإمبراطورية المقدونية عند موت الإسكندر الأكبر عام 323 ق.م
وصل الإسكندر إلى مدينة بابل (بالإنجليزية: Babylon) في ربيع 323 ق.م في بلدة تدعى الأسكندرية على نهر الفرات في بلاد مابين النهرين اي العراق حاليا, حيث قام الإسكندر بنصب معسكره بالقرب من نهر الفرات في الجهة الشرقية منه, لذا سميت هذه المنطقة باسمه بعد موته. حيث انه بعد مده وبالتحديد في شهر يونيو من عام 323 ق.م أصيب بحمى شديدة مات على أثرها تاركًا وراءه إمبراطورية عظيمة واسعة الأطراف.
وهو على فراش الموت نطق بجملة غامضة بقي أثرها أعواما كثيرة حيث قال
” إلى الأقوى (بالإنجليزية: To the strongest) “
يعتقد أنها قادت إلى صراعات شديدة استمرت حوالي نصف قرن من الزمن.
وفي رواية أخرى: أنه قد مات مسموما بسم دسه له طبيبه الخاص الذي يثق به ثقة عمياء وسقط مريضا حوالي أسبوعين وكان قد سلم الخاتم الخاص به لقائد جيشه بيرديكاس وهو على فراش المرض وطلب من الجنود زيارته في فراشه ويبدو أن المحيطين به في تلك الفترة كانوا متآمرين نظرا لتصرفاته وسلوكياته الغريبة حيث أنه في أواخر أيامه طلب من الإغريق تأليهه في الوقت الذي كان عنيفا مع الكثيرين بالإضافة إلي إكثاره في شرب الخمر. كل هذه العوامل جعلت البعض يتربصون به ومحاولتهم للفتك به.
مثوى الإسكندر الأخير
يعتقد الكثير من العلماء والمؤرخين أن الإسكندر بعد وفاته في بابل ببلاد الرافدين حصل تنازع بين قادته علي مكان دفنه حيث كان كل منهم يريد أن يدفنه في الولاية التي يحكمها بعد تقسيم الإمبراطورية التي أنشأها الإسكندر إلا أن حاكم مقدونيا بيرديكاس قام بمعركة قرب دمياط مع قوات بطليموس الأول للاستيلاء علي ناووس الإسكندر ونقله إلى مقدونيا ليدفن هناك، وهزم بيرديكاس في المعركة وقتل لاحقا إلا أن بطليموس الأول خشي وقتها أن يستمر في دفن الجثمان في سيوة إذ أنه من الممكن أن يأتي أحدهم عبر الصحراء ويسرق الجثة كما أن سيوة بعيدة عن العاصمة الإسكندرية فقرر بطليموس أن تدفن في الإسكندرية وكان الأمر ودفن الجثمان علي الطريقة المصرية ولم تذكر المراجع التاريخية كيف تم نقل الجثمان أو مكان دفنه بيد أنّ مصادر اخرى تفيد بوجود قبر الاسكندر في العراق مستدلين على وجود ضريح هناك يُعتقد أنه مدفون فيه.
عسكرية الإسكندر
كان الإسكندر من أعظم الجنرالات على مر العصور حيث وصف كتكتيكي وقائد قوات بارع وذلك دليل قدرته على فتح كل تلك المساحات الواسعة لفترة وجيزة. كان شجاعا وسخيا، وشديدا صلبًا عندما تتطلب السياسة منه ذلك. وكما ذكر في كتب التاريخ القديمة بأنه كان مدمن كحول فيقال أنه قتل أقرب أصدقائه كليتوس (Clitus) في حفلة شراب حيث أنه ندم على ذلك ندما عظيما على ما فعله بصديقه. وصفوه بأنه ذا حكمة بحسب ما يقوله المؤرخون بأنه كان يسعى لبناء عالم مبني على الأخوة بدمجه الشرق مع الغرب في إمبراطورية واحدة. فقد درب آلاف الشباب الفرس بمقدونيا وعينهم في جيشه، وتبنى بنفسه عادات وتقاليد الفرس وتزوج نساء شرقيات منهم روكسانا (Roxana) التي توفيت عام 311 ق.م. ابنة أوكسيراتس (Oxyartes) التي لها صلة قرابة مباشرة (لداريوش الثالث)، وشجع ضباط جيشه وجنوده على الزواج من نساء فارسيات.
أصبحت اللغة اليونانية القديمة واسعة الانتشار ومسيطرة على لغات العالم.